طريقة طريفة في الدعوة إلى الله صرنا نراها هذه الأيام في الفيسبوك والإيميلات والمنتديات... صرنا نرى صورا لا ندري أصحيحة هي أم مفبركة بالفوتوشوب... تدور كلها حول موضوع المعجزات... منها ما يظهر اسم الله الأعظم محفورا على رأس مولود حديث الولادة، أو موشوما على بطن عجل أو.... أو... والجميل في الموضوع أن ناشري تلك الصور يطلبون من كل من رآها أن يساهم في نشرها لعل تهدي شخصا إلى الإسلام... ويتوعدونك أنك إذا لم تنشرها فإن ذنوبك الموبقات هي التي منعتك....
لهؤلاء الذين يساهمون في نشر مثل هذه الصور، إما عن حُسن نية رغبة في الدعوة إلى الله، أو خوفا من الشعور بالذنب لأن معاصيهم قد تكون مانعتهم من فعل الخير، وإما عن سوء نية رغبة في التسلي بسذاجة الناس، لهؤلاء ولغيرهم أريد أن أسوق بعض الملاحظات:
أولا، إن صحة تلك الصور أو عدم صحتها لا علاقة لها بمسألة صحة وجود الله وصدق رُسُله... فالله حق، ورُسُله حق، والبعث حق والميزان حق والساعة آتية لا ريب فيها. أما تلك الصور فليست شيئا يُذكر أمام آيات الله في أنفسنا وفي الآفاق حتى لو كانت تلك الصور صحيحة.
ثانيا، إن الشخص الذي تريد أن تدله على الله عليك أن تُعرِّفه الله، بمعنى عليك أنت أولا أن تعرف الله. لأن الله يُعرف بخلقه وإبداعه وقدرته، لا بصور لا نعرف صحتها من عدم صحتها. قيل إن أعرابيا سئِل عن دليل وجود الله، فقال: "البعرة تدل على البعير و الأثر يدل على المسير، فسماء ذات أبراج وأرض ذات فجاج، ألا تدل على العليم الخبير؟"
ثالثا، إن الذي تأتي به الريح تذهب به العاصفة، فالشخص الذي سيهتدي إلى الإسلام فقط لأنه رأى كلمة التوحيد موشومة على ذراع مولود، عليه أن يرتد عن الإسلام لمجرد رؤية صورة أخرى لمولود آخر ولد بصليب مرسوم على ظهره مثلا، أو بنجمة داوود على جبينه، أو بتمثال بوذا على قفاه.... فأي إيمان هذا بحق رب السماء؟؟
رابعا، إن الله يُستدل عليه بالعِلم، لا بالخرافة، لذلك كانت كلمة السماء الأولى إلى الأرض هي: "اقرأ". و لذلك فالقراءة التي تقود إلى الله هي القراءة المتدبرة لكتابَي الله؛ كتابِه المسطور (القرآن) وكتابه المنظور (الكون). وفي القرآن دعوة مفتوحة إلى قراءة الكتابين:
1) أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها (سورة محمد 24 )
2) أولم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير ( 19 ) قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير ( 20 ) (سورة العنكبوت).
بقي إذن أن نوقن أن الفرق بين الإيمان والخرافة ومضة ضوء تشق جيب الظلام اسمها العقل.
والله أعلم
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق