آخر الأخبار
... جاري التحميل

معاناة مستخدم للكومبيوتر ومشكله نفسيه !وملآحظات اخرين?

0

يا ابني ..يكفيك جلسة كمبيوتر وافعل شيء مفيدلا أذكر كم مرة سمعت فيها والدتي تردد على مسامعي هذه العبارة كلما شاهدتني متسمرا أمام شاشة الكومبيوتر.. فلا أدري من أين اكتسبت تلك القناعة التي تقضي بأن الجلوس أمام شاشة الكمبيوتر معناه وجود فائض في الوقت من المفترض أن يستغل في نشاطات أخرى! ممارسة الرياضة مثلا، أو ربما الذهاب إلى البقالة،..قراءة كتاب… لا يهم نوع الكتاب المهم هو أن أمسك بواحد بين يدي حتى لو كان كتابا للطبخ! فأي نشاط آخر خلاف الجلوس أمام الكومبيوتر هو في نظرها نشاط مفيد غير مقتنعة على الإطلاق بأنك قد تكون منشغلا بأداء مهمة معينة تتطلب منك الاستعانة بهذا الجهاز الذي بات جزءا لا يتجزأ من حياتنا اليومية، وبسبب هذه القناعة المغلوطة فقد تعرضت خلال مسيرتي إلى العديد من المضايقات للابتعاد عن هذا (البلاء) كما كانت تسميه والدتي! منها على سبيل المثال فصل لوحة المفاتيح عن الجهاز، أو الاستحواذ على الفأرة وإخفائها في مكان صعب المنال، وأظنها فطنت إلى أهمية وجود الفأرة قياسا بأيام لعبة (السيجا) عندما كانت تقوم بإخفاء أجهزة التحكم عنا وهو ما كان يحرمنا من متعة اللعب،فالوالدة ذكية جدا وتستطيع التمييز بين جميع أنواع الأسلاك! لحسن الحظ أن أغلب الأجهزة الشخصية باتت الآن مزودة بفأرة (منها وفيها) أما الجيل الجديد من الأجهزة فهو يعمل بنظام “التتش سكرين”..! ولكي أكون منصفا فأنا أستحق اللوم لأنني كنت في كثير من الأحيان أتلكأ عن الذهاب للصلاة في المسجد خصوصا إذا ما كنت مندمجا في كتابة مقال وأخشى أن ينقطع حبل الإلهام، لكن هذا لا يبرر أبدا السياسة الوحشية التي كان ينتهجها الوالد في مثل هذه المواقف، وهي سياسة تتسم بالصرامة والحزم وعدم تقديم أية تنازلات مهما كانت الظروف! ففي حالة امتنع عن استخدام السلاح السري الفتاك “العقال” فإطفاء فيشة الكهرباء كان الخيار “السلمي” بالنسبة له، وكم مرة اضطررت بسبب ذلك إلى عمل (فورمات) لعلاج حالات السكتة الدماغية التي كانت تصيب الجهاز، من بعدها كان مجرد سماع صوت وقع خطواته كافيا لكي أسارع بالضغط على زر Save لحفظ التغيرات قبل وضع الجهاز على الـ Sleep Mode والتظاهر بأنني كنت بعيدا عن الجهاز! الكمبيوتر كان دائما الملام الأول والأخير على تدني علاماتي الدراسية، حالات السهر والإرهاق، اضطراري لارتداء نظارة طبية في مرحلة مبكرة نسبيا من عمري تسببت في حجب معالم عيوني الجميلة التي كانت تتغزل بها أمي أمام صديقاتها، القشرة وتساقط الشعر بحجة تأثير الاشعاعات الضارة التي تنبعث من الشاشة على نمو بصيلات الشعر، هذا بالإضافة إلى لائحة طويلة من الاتهامات التي لو أثبتت لحكم عليه بالنفي المؤبد إلى مخزن البيت! وقد حاولت جاهدا طوال السنوات الماضية أن أقنع من حولي بأن الكومبيوتر جهاز مفيد جدا ، وأن استخداماتي له تقع ضمن أطر الاستخدامات “السلمية” جدا، وليست لدي أية نوايا استعمارية على الإطلاق، وفي سبيل ذلك ضحيت بجلستي “الانبطاحية” على السوفا الوثير كي لا يفترض من حولي أنني أتسلى بلعب (البي إس بي) واستبدلتها “بجلسة صحية” باستخدام كرسي وطاولة أنيقتين اشتريتهما من السوق الصيني، وزيادة في الإقناع صرت لا ألبس إلا الكندورة بدلا من (بيجامة النوم) وفي أحيان كثيرة أرتدي غترة وعقالا، وعلى هذه الهيئة قمت بالتقاط صورة شخصية لي وعلقت منها نسخة في الصالة، كل ذلك لكي أثبت أنني إنسان محترم أتعامل مع جهاز محترم ! تطور الموضوع بشكل جذري بعد الزواج، فلم يعد الأمر يقتصر على نقطة “الفضاوة” التي كنت أستميت للدفاع عن نفسي في مواجهتها، بل توجب علي تقديم تفسيرات منطقية في كل مرة أضطر فيها إلى استخدام الكمبيوتر داخل البيت، وبالمناسبة فالمرأة بطبيعتها تفترض أن أي وقت فراغ عند الزوج هو ملك حصري لها، إلا أنها قد تسمح في بعض الأحيان أن يشاركها الأولاد جزءا من هذه الملكية، لذلك تعتبر جهاز الكومبيوتر أو أية وسيلة تكنولوجية حديثة من شأنها أن تضر بمصالحها الإستراتيجية بمثابة “ضرة” منافسة لا مجال للعدل بينهما، لذلك يجب محاربتها والتخلص منها بأسرع وقت ممكن! ومع دخولنا لعصر الإنترنت والشبكة العنكبوتية، و التسيلم بحقيقة أن الكمبيوتر صار يمثل نقطة عبور إلى عوالم أخرى من المفترض أن لا يصل إليها الزوج، فأي خلوة للزوج مع الجهاز تعتبر “خلوة غير شرعية” عملا بالمثل الشهير “إذا غاب القط إلعب يا فار”! وأجزم بأنك مثلي تصبح وتمسي على حكايات زوجتك عن الخيانة الزوجية، عن فلانة التي اكتشفت علاقة زوجها بفتاة تعرف عليها عن طريق الفيس بوك وثانية “كمشت” زوجها وهو في حالة “تشات” متلبس مع إحدى الفتيات على الماسنجر، وثالثة وجدت في البريد الإلكتروني لزوجها رسائل حب وغرام من زميلة له في العمل معنونة بـ : الخطط الاستراتيجية لسنة 2014″ الجانب المشترك في جميع تلك القصص أن عملية الاكتشاف تمت عن طريق الصدفة… سبحان الله! ولم تشفع لي هوايتي كمصور فوتوغرافي وحاجتي لقضاء ساعات في تعديل الصور وتحريرها في إخراجي من دائرة الشكوك والاتهامات، فالقناعة واحدة لم تتغير على مدى السنين، لذلك تعودت على سماع اسطوانة نفس العبارات التي كانت ترددها أمي على مسامعي:- بسَك كمبيوتر -أي يكفيك-،و خذ الأولاد واذهب معهم للألعاب.. دامك فاضي روح الجمعية واشتري أغراض للبيت بدل يلسة الكومبيوتر.. إنت ما تمل!..24 ساعة مجابل هالكومبيوتر؟ أول ما بياكل الدود.. صبوعك هذي الي كل يوم تطقطق بها على الكومبيوتر..بعدين عيونك الي تشوف فيها…… (بعيد الشر علي!) تخيل نفسك تصبح وتمسي على سماع مثل هذه العبارات التي تسم البدن، ناهيك عن التعرض إلى العديد من ممارسات التطفيش المبتكرة ، التي لم تعد تقتصر على سرقة الكيبورد وإخفاء الماوس، فأحد الأولاد تم تجنيده لإطفاء الجهاز بشكل مفاجئ، مهمته تتلخص بأن يستغفلني وينسل تحت الطاولة ويقوم بسحب الأسلاك من الموزع الرئيسي.. أظنه ورث هذه الطريقة عن جده! أما الثاني فمصمم على طرح نفس السؤال المحرج كلما رآني أهم بالجلوس أمام الكومبيوتر:” بابا شو قاعد تسوي كل يوم على الكمبيوووووتر؟” الثالث -وهو أكبرهم- فدوره يتمثل في التأكد من نجاح الأول والثاني في مهماتهم وتقديم الدعم اللوجستي عند الحاجة! في مكان العمل “الحال من بعضه” فإن تصادف ومر المدير وشاهدني “أطقطق” على الكيبورد، تظاهر بالسلام علي محاولا اختلاس نظرات على محتوى الشاشة، أظنه يفترض بأنني أبحث في جوجل عن طريقة مبتكرة للتخلص منه، وإن أحسن الظن فهو يخمن بأنه لم يكلفني بمهمات كافية مما منحني فرصة لتصفح موقع الجريدة على الإنترنت، جربت أن أتأخر إلى ما بعد ساعات الدوام إلا أنني لم أسلم من نظرات الفراش “محيي الدين” الحادة التي يرمقني بها كلما دخل مكتبي لجمع محتوى سلة النفايات! جميع تلك المنغصات دفعتني إلى الهجرة إلى المقاهي و”الكوفي شوبات” بحثا عن ركن هادئ أختلي فيه مع جهازي الحبيب، إلا أن مشكلتي الدائمة تتمثل في إيجاد موقف للسيارة، فحتى بعد تطبيق نظام مواقف فالأمر ليس بهذه السهولة، الحمدلله على أنني لست من مدمني شرب القهوة ، أذكر أنه في مرة من المرات سألتني إحدى النادلات عن عمري وهي تسخر من طلبي لمشروبي المفضل وهو الشوكولاتة الساخنة بالحليب، قررت عندها تطليق جميع مشروبات الشوكولاتة بالثلاثة والتحول نحو شرب “الاسبرسو” كنوع من البرستيج!!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

جميع الحقوق محفوظه © سيو رفع زوار

تصميم امني